Welcome to almotanabibookshop

قبل ان تخون الذاكرة

Author عبد الرحمن عايل | Publisher طوى للثقافة والنشر والاعلام

Publish Year 2014

Pages 288

Book Chapters 1

Print Number 1



"لا أعرف كيف اتخذ الأمر هذا الشكل، وكيف اختفت رهبة الزنازين، والسجن، والتحقيق، كل ما أعرفه، أن الوقائع لا تستمر بزوالها، حتى الشعور المتولد عنها، يصبح أكثر سهولة حينما يرويه اللسان. اجتمع عليّ عدد كبير من الأتباع... أصبحت أقدم في الجوامع والمساجد والمدارس، لإلقاء الخطب والمواعظ، وإعطاء الدروس في طريقة الدعوة، وجذب الشباب إلى الجلسات، بعد ثلاثة أشهر فقط، كتبت كتاباً تنظيرياً في الدعوة، تم طباعته عن طريق أحد مكاتب الدعوة، وتوعية الجاليات بمدينة الرياض، ثم ما لبثت قليلاً، حتى أصدرت شريطاً دعوياً يخاطب فئة الشباب، وعلى طريقة الجلسات الدعوية، والترغيب بالأسلوب السهل أصبح عدد المجموعة كبيراً جداً، وأصبح الضغط على الجلستين شديداً، فاضطررت لفتح جلسة دعوية ثالثة، لأحد أحياء جنوب المدينة والذي يقبع في طرفها، لتخفيف الحمل على الجلستين، وعدم لفت الإنتباه أكثر؛ وهذا نابع من خبرة سابقة، ولكن على مستوى أقل من المستوى الذي أصبحت به الآن، فقد اكتسبت شيئاً من الخبرة في التعاطي مع القضايا الحساسة، وخصوصاً قضايا الجهاد. الكل يرغب حينها بأن يقاتل؛ الكل بلا إستثناء، كل منهم يريد أن يظهر روحه بالإستشهاد في سبيل الله تعالى، ثمانية أشهر وأنا منهمك في العمل الدعوي، فقط لا شيء غير الدعوة، حاولت قدر إستطاعتي عدم إرسال المزيد من الشباب؛ ليموت بكفرة مجنونة، توقفت تماماً عن التفكير في نصرة الله عن طريق الموت؛ لذلك بدأ بعض أصدقائي ينزعج من هذه الفكرة، وهم الذين قصدوني من أجلها... وأنا الآن أسد عليهم أبواب الجنان، لماذا كل هذا يا عبد الرحمن... أخبرتهم بقصة حمزة، الشاب الذي يندر أن تسمع صوته، حمزة الخجول جداً، لن أنسى قط ما حدث لحمزة، بعد أن أعددناه للخروج، وجهزناه بجهازه المادي، موعد مغادرته، تكلفت بإيصاله إلى المطار، كان حمزة حديث عهد بزواج... توقفت أمام منزله، هاتفته: أنا بإنتظارك في الخارج، كان حمزة قد أوهم الجميع بأنه سيذهب للعمرة، في الدقائق الأخيرة صارح زوجته... جُنَّ جنون المسكينة، خرج حمزة بصعوبة من الباب، كنت ألخط يداً تمسكه، ما أن استقر جانبي، حتى خرجت زوجته المسكينة في منتصف الطريق بملابس نوم تبكي وتنتحب، أشحت ببصري، وحمزة يحومل، ويبكي بصوت خافت، لم أحرك ساكناً، تجاوزتها بركبتني، وأنا أخبره بأنهن ناقصات عقل، ودين، وأنك في طريقك إلى الجنة الآن، وبإنتظارك ما هو أجمل وأفضل، بسنوات ضوئية من زوجتك التي تبكيك. تذكر فقط ما أعده الله لك يا حمزة في الجنة، حمزة الشاب الخجول، لم يتكلم كانت عيناه تدمعان فقط الشاب النحيل حمزة، قتل في العراق، بسبب خطأ في عملية زرع عبوة، كما وردتي. لا يمكن ليَبديّ الآن أن تشارك في سفك الدماء مرة أخرى، وحتى وإن كان في سبيل الله تعالى، هذا أمر قطعته على نفسي، وعلى قلب أمي المتهالك، وعلى دمع أعين زوجات الأصدقاء وأبنائهم، ما جعلني اتخذ مثل هذا الموقف من قضية الجهاد، أو التنسيق أو الدعم. حدث في المسجد، وعندما كنت ألقي محاضرة... جاء طفل يقطع الصفوف، وبيده ورقة... لم أستطع فتحها إلا عندما غادرت المسجد وأصبحت في سيارتي... "أنا أم أحمد، ابني الذي استشهد في العراق، أسأل الله تعالى أن يحرق قلبك كما حرقت قلبي على ابني، بكيتُ كثيراً عليها، ومن ثم بكيت كثيراً على أمي، كان الضغط الذي يمارسه الشباب في مسألة الجهاد، بدأ يشتد علي تماماً، وأنا أرفض أن يكون للجهاد بما تفعله الآن"... وهكذا أخد يكتشف عبد الرحمن الشخصية المحوريّة صاحب هذه المذكرات الكثير في ما يحدث في الدعوات الجهادية... اكتشف الكثير من خسارته بعض من ينتمون إليها... فذاك الداعية المعروف، اشتكاه في يوم من الأيام، أحد الغلمان، لأحد أبرز الدعاة في الرياض، بعد أن قام بمحاولة اغتصابه حفرة في الطريق إلى العمرة، والأغرب أن هذا الشخص إلى الآن ما زال يتصدر المخيمات، والجلسات، والمساجد، ويلقي المحاضرات.

Price

44.85 RS


Qty
1